الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
71032 مشاهدة print word pdf
line-top
الإيمان بعذاب القبر

21- والإيمان بعذاب القبر. وأن هذه الأمة تُفْتَنُ في قبورها وتُسْأَل عن الإيمان والإسلام، ومَن ربه؟ ومن نبيه؟ ويأتيه منكر ونكير كيف شاء الله -عز وجل- وكيف أراد، والإيمان به والتصديق به.


وهذا أيضًا مما يدخل في الإيمان باليوم الآخر، فكل ما بعد الموت فهو من اليوم الآخر من حين تخرج الروح من الجسد، يقال: مَن مات فقد قامت قيامته، وقد دخل فيما يكون بعد الموت.
ومما يكون بعد الموت الإيمان بعذاب القبر، وبنعيمه نؤمن بذلك كما وردت بها الأحاديث الصحيحة وكما ذكر ذلك، واستنبطه العلماء من القرآن من بعض الآيات والأدلة، وأنه يأتيه ملكان وردت تسميتهما منكر ونكير في بعض الروايات، وإنهما يسألانه مَن ربك؟ مَن نبيك؟ ما دينك؟ وأنه يفسح له في قبره إذا كان من المؤمنين، ويُضيق على الكافر قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، فيصير القبر روضة من رياض الجنة، أو حُفرة من حُفَر النار ونحو ذلك كما هو معروف .
ويعمّ ذلك كل ميت، سواء قُبِرَ أو لم يُقْبَر، حتى ولو لم يُدفَن -مثلًا- أو أكلته السباع، أو أحرق وذُرِّيَتْ جثته في الرياح، أو في البر والبحر، فالله قادر على أن يوصل إليه ما يستحقه من عذاب أو نعيم.
والأحكام بعد الموت وفي البرزخ على الأرواح، والأرواح باقية بعد مفارقتها للأجساد، ولكن لا بد أن يصل شيء من الألم أو النعيم إلى الأجساد، ولو كانت فانية. وبكل حال يؤمن المؤمن بما يكون بعد الموت مما ورد في هذه الأحاديث، ويحمله الإيمان على أن يستعد لذلك، وأن يعمل العمل الذي يكون سببًا في نجاته من تلك الأهوال.

line-bottom